الأربعاء، 25 أغسطس 2010

الشان المحلي بالمغرب



كانت لدىالمجتمع المغربي على مر التاريخ مؤسسات يتم من خلالها تقسيم العمل والتنظيم الإداري والسياسي للجماعة.
فالجماعة تتكون من كل أرباب البيوت وشيوخ القبيلة ولا يحق لشخص خارج حدود تلك القبيلة أن ينتمي إلى هذا المجلس، وكل دوار ينتخب أو ينتدب 4 إلى 5 أعضاء إلى هذا المجلس وذلك حسب عدد سكان ”مجلس الأربعين“.
بعض المناطق لا تحتوي مجالسها إلا على 10 أو 15 عضوا.
هذا التنظيم يسمى ”مجلس الأربعين“ ويشكل وحدة مستقلة وينتخب بشكل ديمقراطي ويكون أغلب أعضائه من أعيان الدواوير، وقد استمر إلى غاية 1920وخاصة في الأطلس المتوسط والكبير والريف .
هذا التنظيم كان يرتكز على الديموقراطية والتضامن والتوازنات الاجتماعية.

التنظيم الجماعي الحديث

ارتكزت سياسة الاستعمار على التقسيم العرقي للسكان وعلى التقاليد والعادات بغية النيل من وحدتهم مستهدفة ”الجماعة“ في المقام الأول باعتبارها الوسيلة التنظيمية الأساسية للمغاربة القادرة على المحافظة على الهوية.
ولذلك فإن المغرب منذ فجر الاستقلال اتجه إلى الاهتمام بالجماعة بجعلها الخلية الأساسية للبناء الديموقراطي والإداري.
فقد شكل ظهير 1960 المتعلق بالتنظيم الجماعي لبنة تأسيسية في اتجاه بداية بناء النظام اللامركزي. غير أن القصور الكبير لهذا الميثاق الأول أنه جعل من الجماعة مجرد وحدة إدارية.
لكن أهم تطور في تاريخ المغرب نحو إقرار اللامركزية تمثل في ظهير 1976 الذي شكل مرحلة متقدمة في الديموقراطية المحلية.
وقد جاء هذا التحول بعد الأزمة السياسية التي أفرزت حالة الاستثناء والتي امتدت من 1965 إلى 1970.
إن هذا الميثاق الجماعي شكل منعطفا تاريخيا حيث أصبحت الجماعات شريكا وفاعلا مركزيا في التنمية.
المكتسبات الأساسية لظهير 1976
خص المجلس الجماعي بمجموعة من الاختصاصات ذات الطابع التنموي وذلك من خلال الفصل 30 من هذا الظهير، إذ جاء فيه أن المجلس الجماعي: يعد مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجماعة طبقا للاتجاهات والأهداف المقررة في المخطط الوطني:
يحدد برنامج تجهيز الجماعة في حدود الوسائل الخاصة بالجماعة والوسائل والإمكانيات الموجودة رهن إشارتها.
يقترح على الإدارة الأعمال اللازمة للنهوض بتنمية الجماعة إذا كانت هذه الأعمال تجاوز حدود الاختصاص الجماعي أو تتجاوز نطاق وسائل الجماعة والوسائل الموضوعة رهن إشارتها.
الدور التنموي للمجلس الجماعي محدد بالحدود المكانية للجماعة وبالقضايا المحلية فقط، وبالنظر إلى نصيب المجلس الجماعي في التنمية فالملاحظ أن دور المجلس مهم ومنصوص عليه بصريح النص، بل يقع على عاتق المجلس عبء التنمية المحلية.
هذا الدور التنموي تقوى بإصلاحات أساسية تدعمه على عدة مستويات:
•تخصيص 30% من الضريبة على القيمة المضافة لميزانية الجماعات المحلية.
•إقرار نظام جديد للجبايات المحلية.
•إعادة هيكلة صندوق التجهيز الجامعي.
•تطوير الوظيفة العمومية المحلية.
•إقرار تقسيم جماعي جديد.
•دعم النظام الجماعي بالجهوية.
الإشكاليات المطروحة بعد ظهير 76
الإمكانيات المادية:
لقد ظلت المعضلة المطروحة أمام فعالية العمل الجماعي بالمغرب من بدايتها منذ أكثر من 30 سنة إلى الآن معضلة الموارد المالية.
فالإمكانيات المادية للجماعات محدودة ولا تمكنها من أداء المهام التنموية المنوطة بها، بل المفارقة أن بعض الجماعات لا تستطيع أداء حتى مستحقات موظفيها.
مشاكل التقطيع الجماعي:
إن التقطيع الجماعي يتم وضعه لمقتضى مرسوم من اختصاص السلطة التنظيمية.
والتقطيع أو التقسيم الجماعي للمغرب خضع باستمرار لاعتبارات سياسية وانتخابية وأمنية وليس لاعتبارات موضوعية اقتصادية واجتماعية وتنموية.
وهو ما أدى إلى اختلالات كبرى في سير العمل الجماعي إداريا واقتصاديا وماليا حيث برز اعدام التوازن بين إمكانيات الجماعات والاختلالات المجالية والهيكلية كانت واضحة..
ظاهرة التزوير الانتخابي:
إن اللامركزية لا يمكن أن تتأسس إلا انطلاقا من الديموقراطية المحلية التي تنبني على الانتخابات الحرة والنزيهة.
هذا المعطى كان أكبر غائب عن التدبير الميداني للانتخابات الجماعية المغربية منذ انطلاق المسلسل الديموقراطي في تزامن مع الميثاق الجماعي لسنة 1976.
•إشكالية الوصاية:
رغم اعتبار ميثاق 1976 الجماعة المحلية وحدة إدارية مستقلة فإن هذا الاستقلال ليس كاملا وتاما إذ تظل الجماعات أو الهيئات المنتخبة خاضعة لوصاية السلطات المركزية فماذا عن هذه الوصاية ؟
الوصاية أسلوب من أساليب الرقابة الإدارية مرتبطة بالتنظيم الإداري اللامركزي تمارسها السلطات المركزية أومن يمثلها على أعمال وأعضاء الأشخاص المعنوية اللامركزية وذلك على نحو مقرر مسبقا في قانون صريح.
لكن واقع الممارسة أثبت أن سلطات الوصاية كانت مهيمنة ومتمركزة، وأضحت وسيلة للتحكم في الهيآت المنتخبة، مما أفرغ اختصاصات الجماعات المحلية من محتواها.
ومن هذا المنطلق فقد كانت الممارسة الجماعية في ظل ميثاق 1976 موضوع تقييمات وانتقادات على مستوى الفاعلين السياسيين بهذه الجماعات وعلى مستوى المناظرات الرسمية لما يقارب 25 سنة.
هذا التقييم السياسي والإداري والرسمي هو الذي أفضى إلى ملحا حية إصلاح الميثاق وهو الذي تم عبر القانون المتعلق بالميثاق الجماعي الجديد(2002).
مستجدات الميثاق الجماعي الجديد
أبقى القانون الجديد على الكثير مما ورد في الظهير 1976 من فصول. لكن فالقانون الجديد يهدف إلى تجاوز بعض السلبيات ويعد خطوة جديدة أنجزت في أفق تفعيل اللامركزية.
ويتكون القانون الجديد من:
الباب الأول: يتضمن مبادئ عامة .
الباب الثاني: يتضمن أجهزة الجماعة، ويتناول المجلس الجماعي، مكتبه وأجهزته المساعدة ( المواد من 2 إلى 15).
الباب الثالث: يخص النظام الأساسي للمنتخب ( المواد من 16 إلى 34 ).
الباب الرابع: يتناول اختصاصات المجلس الجماعي ( المواد من 36 إلى 44 ) ولقد تم ترتيبها على الشكل التالي:
الاختصاصات الذاتية الخاصة بالمجلس الجماعي ( المواد من 45 إلى 56 ).
الاختصاصات المنقولة من طرف الدولة للمجلس الجماعي ( المواد 36 إلى 42 )
الاختصاصات الاستشارية ( المادة 44 ).
كما يتناول الباب الرابع اختصاصات رئيس المجلس الجماعي ( المواد من 45 إلى 56 ).
الباب التاسع: يشمل النظام الخاص للجماعات الحضرية للرباط(المادتين 133 و134 والنظام الخاص بجماعة المشورة) (المواد 135 إلى 138).
الباب العاشر: يتناول مقتضيات انتقالية تتعلق بإنهاء العمل بنظام المجموعة الحضرية يتعلق كذلك بنقل الأملاك العامة والخاصة( التي كانت في ملكية المجموعة الحضرية والجماعات الحضرية السابقة المكونة لها) إلى ملكية الجماعات الحضرية المحدثة.
كما يتناول ما يتعلق بالحقوق والواجبات إزاء الغير والعقود والاتفاقيات والمنازعات حيث تحل بهذا الخصوص بحكم قانون الجماعة أو الجماعات الحضرية المحدثة محل المجموعات الحضرية والجماعات المكونة لها.
الباب الحادي عشر: يتناول مقتضيات ختامية.
•يتضح إذن أن بنية النص الجديد تضمنت المحاور التالية:
أحكام عامة،
الأجهزة،
النظام الأساسي للمنتخب،
الاختصاصات (وتخص اختصاصات المجلس الجماعي كما تخص اختصاصات رئيس المجلس الجماعي) التسيير، الوصاية، التعاون...
وعلى المستوى النوعي تهدف اختصاصات المجلس إلى تحويل المعنى التقليدي للامركزية الإدارية. ويتمثل الهدف في خلق تحول في الطبيعة العميقة للجماعات كجماعات محلية بحيث لن تصبح الأولوية للتسيير الإداري . فالجماعة مدعوة لأن تصبح "مقاولة" أصيلة بالمعنى الاقتصادي للكلمة.
وسيلتان ينص عليهما الميثاق الجديد تعززان مبادرة مجلس الجماعة في مجال خلق مناصب الشغل. ويتعلق الأمر بالتدبير المفوض والعمل المشترك بين الجماعات.

فما هي الإكراهات التي برزت أمام الميثاق الجماعي الجديد؟
وماهي التعديلات الأخيرة التي صودق عليها مؤخرا؟


الموضوع الأصلي : الشأن المحلي بالمغرب -||- المصدر : موقع عربي سوفت -||- الكاتب : amoula

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق